لم يعد الكونجرس الأميركي في الوقت الراهن أكثر المؤسسات المحببة بالنسبة للصحفيين، بل وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه ليس أفضل من سطح القمر! لذا ليس من المفاجئ أن يسأل كثير من الناس أي صحفي يغطي أخبار الكونجرس عن كيفية تحمله.
ولعل هذا هو السؤال الذي توجّهه «كريستيان ساينس مونيتور» ووسائل الإعلام الأخرى لنفسها يومياً.. كيف نتحمل؟
وإذا كنا سنضع قائمة بالصفات التي تسعى «مونيتور» وراءها باستمرار فهي: الألفة والإنسانية والتفكير الإبداعي والتعاون البنّاء، من بين أمور أخرى، غير أن هذه الصفات لا تنطبق حالياً على المؤسسات الحاكمة في واشنطن. وعندما يكون معظم السياسات موّجهة على وجه الخصوص لإثارة الغضب والعداء، فما هو دور أية مطبوعة وُجدت من أجل التنوير والارتقاء على وجه الخصوص؟
مثلما تقول «فرانسين كييفر» مراسلة ««كريستيان ساينس مونيتور» في الكونجرس خلال الأعوام الخمسة الماضية: «يمكننا البحث عن الإنسانية، فلكل عضو في الكونجرس قصة، وهذه القصة تساعد في تفسير سبب رؤيته للعالم بالطريقة التي يراها».
بيد أن الإجابة الأشمل ربما تكمن في سؤال آخر: كيف يمكننا أن نكون جزءاً من الحل؟ في الحقيقة ليست هناك إجابة واحدة، فكثير من وسائل الإعلام تحاول محاسبة السياسيين بتدقيق الحقائق وكشف الفضائح، وهذه من بين المهام المحورية للصحافة الحرة. غير أن إجابتي هي أن الحقائق والبيانات مهمة، لكن ربما أن الأهم هو الشعور بما تكتبه، وأن تعامل الجميع بصدق حقيقي. وأن تسعى إلى التعامل بأفضل المثل مع كل الأطراف، وأن تتقبل غموض عدم وجود إجابة واحدة صحيحة، وأن تشجع القارئ على التفكير بصورة مستقلة.
إن الحقائق ضرورية، فهي أساس الصحافة المسؤولة، لكن في عصر الأخبار الزائفة، لا تعتبر الحقائق كافية، فإذا لم تعجبني حقائقك، يمكنني البحث عن حقائق أخرى خاصة بي! وما يلمس القلوب ويفتح العقول هو نبرة وروح المقال الصحفي، والنزاهة الحقيقية والسمعة الحسنة، فكل هذه أمور لا يمكن تزييفها، ولها قوة استثنائية.
*كاتب أميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»